«بورصة الأجور» تشعل الصراع على النجوم بين منتجى الدرما
كتب حمدى دبش ٢٣/ ٢/ ٢٠٠٩
منافسات شرسة اشتدت حاليا بين منتجى الدراما التليفزيونية وصلت إلى ما يمكن وصفه بـ«الحروب» بينهم، استعدادا لموسم رمضان المقبل، حيث تزايد اختطاف النجوم من شركات تعاقدوا معها بالفعل لشركات أخرى من خلال إغرائهم بأجر أعلى من الذى حصلوا عليه،
وقد أدى ذلك إلى توقف تصوير بعض الاعمال وتأخر البعض الآخر عن الموعد المحدد للتصوير، حيث تسبب لهث الفنانين وراء الشركات التى تدفع أكثر، بصرف النظر عن طبيعة العمل أو القضية التى يتناولها فى ارتفاع غير مسبوق فى أجور الفنانين رغم الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على الاعمال الفنية.
سمية الخشاب مثلا رفضت ٣ ملايين جنيه أجراً لها فى مسلسل «حدف بحر» تأليف أحمد عبدالفتاح وإخراج جمال عبدالحميد وإنتاج كامل أبوعلى وذلك على الرغم من تعاقدها، حيث فشلت فى زيادة أجرها فتعاقدت مع المنتج تامر مرسى على المسلسل نفسه مقابل ٦ ملايين جنيه، الأمر نفسه تكرر مع غادة عادل التى رفضت تصوير الجزء الثانى من مسلسل «المصراوية» رغم اتفاقها عليه وتعاقدت مع شركة «كينج توت» لتقديم مسلسل «حرب الجواسيس» مقابل ٣ ملايين جنيه،
وعندما علمت بأجر سمية الخشاب طلبت من الشركة زيادة أجرها، إلا أن الأخيرة رفضت فتعاقدت غادة مع المنتج تامر مرسى أيضا على مسلسل «حتة من الجنة» تأليف أحمد عبدالفتاح وإخراج مجدى أبوعميرة مما دفع «كينج توت» إلى التعاقد مع منة شلبى مقابل ٤ ملايين جنيه لتقديم الدور بدلاً منها.
هشام سليم اعتذر أيضا عن أداء بطولة الجزء الثانى من «المصراوية» بعدما رفض محمود شميس، منتج المسلسل، رفع أجره إلى ٣ ملايين جنيه بزيادة مليون ونصف المليون جنيه عن الجزء الأول، كما ترددت أخبار كثيرة عن اعتذار إلهام شاهين عن عدم تقديم مسلسل «حورية فى المدبح» بالرغم من اتفاقها عليه مقابل ٥ ملايين جنيه وتعاقدت بدلاً منه على مسلسل «علشان مليش غيرك» مع شركة أخرى بعدما طلبت زيادة أجرها نصف مليون جنيه، مما تسبب فى تعطل «حورية فى المدبح» وتجميد إنتاجه إلى العام المقبل، الأمر نفسه تكرر مع ليلى علوى التى رفضت تصوير مسلسل «ليلة الرؤية» العام الماضى بسبب طلبها ٥ ملايين جنيه، وعندما وافقت الشركة على المبلغ هذا العام رفضت التصوير وطلبت أجرا أكبر فتوقف تصوير المسلسل نهائيا.
ورغم تقديمها بطولة تليفزيونية مطلقة لأول مرة إلا أن زينة تعاقدت على مسلسل «ليالى» مع المنتج أمير شوقى مقابل مليونى جنيه، وتعاقد أشرف عبدالباقى على مسلسل «أبوضحكة جنان» مع الشركة نفسها وبالأجر نفسه، كما طلب محمد سعد ١٢ مليون جنيه نظير بطولة مسلسل «المهرة والخيال» فى الوقت الذى لم يرفع نور الشريف ويحيى الفخرانى أجريهما عن العام الماضى حيث تقاضى نور ٥ ملايين جنيه عن مسلسل «متخافوش» والأجر نفسه فى مسلسل «الرحايا»، والفخرانى ٧ ملايين جنيه وهو الأجر الذى تقاضاه فى «شرف فتح الباب» العام الماضى.
بشير الديك مؤلف مسلسل «حرب الجواسيس»، وقال إن كل شخص يريد اللحاق بقرشين بأسرع وقت ممكن بصرف النظر عن الطريقة التى يحصل بها على هذه الأموال، والأزمة العالمية لم تدفع الفنانين إلى تخفيض أجورهم بل دفعتهم إلى رفعها خوفا من الغد، وبالتالى ظهرت هذه الأرقام المبالغ فيها وساعدتهم على ذلك للأسف شركات الإنتاج،
وتساءل الديك: كيف يتقاضى الممثلون هذه الأجور و٧٠% من الشعب المصرى تحت خط الفقر؟ وهذا يدل على أننا نعيش فى بلد لا توجد به أى معايير عادلة بين طبقات الشعب، وبدلا من أن تكون المنافسة بين الشركات شريفة لتقديم أعمال جيدة أصبحت المنافسة معتمدة على خطف النجوم لتحقيق ربح أكبر،
والنتيجة عرض ٥٠ مسلسلا كل عام، ٢% منها فقط صالحة، والباقى «ليس له أى لازمة». وطالب «الديك» شركات الإنتاج بالالتزام بالمعايير الأخلاقية فى الفن وأن يركز كل منتج فى عمله دون أن يهتم بخطف النجوم من الآخرين.
فى حين أرجع السيناريست أسامة أنور عكاشة مؤلف «المصراوية» ارتفاع الأجور إلى أن الدراما المصرية فقدت المنتج الفنان وأصبح المنتجون مجرد تجار يلهثون وراء الفنانين دون الاهتمام بالنص الذى سيقدمونه، مما جعل الفنانين يطالبون بهذه المبالغ استغلالا للطلب عليهم من المعلنين الذى يشترطون نجوما معينين،
وقال: ارتفعت أجور الفنانين بطريقة جنونية والمؤلفون والمخرجون كما هم لم تتغير أوضاعهم، وبالتالى أصبحت الدراما مثل السينما، فشباك التذاكر الذى يحدد أجر النجم فى السينما مثل الإعلانات التى تحدد أجر النجم فى الدراما، وهذا الحال لا يصلح حال الدراما بل يزيدها سوءا خاصة أن كل اهتمامات المنتجين إرضاء الممثل بالمبالغ التى يطلبها، وجاء ذلك على حساب الممثلين الآخرين والعناصر الفنية الأخرى فى العمل من ديكورات وتصوير.
وأضاف عكاشة: خطف شركات الإنتاج للنجوم من بعضها البعض ناتج عن خلل فى النظام الإنتاجى فى مصر، فلا يوجد نظام عمل يسير عليه المنتجون، فالهدف عندهم واحد وهو كيف يمكن جذب أكبر عدد من النجوم إلى شركته دون النظر إلى المبالغ التى سيدفعها.
أمير شوقى منتج مسلسل «علشان مليش غيرك» أكد أن سبب ارتفاع الأجور نجوم السينما الذين دخلوا الدراما لأنهم مطلوبون فى القنوات الفضائية ودخلوا الدراما بأجور السينما، والمنتجون لا يستطيعون رفض طلباتهم لأن لديهم جمهورا كبيرا ووجوههم غير «محروقة» فى التليفزيون، كما أن القطاع الحكومى مسؤول عن زيادة الأجور لأنه يدخل بنسبة لا تتعدى٣٠% من المسلسل،
وبالتالى لا يهمه أجر النجم لأن أجره المرتفع لن يؤثر عليه، والقطاع الخاص هو ضحية القطاع الحكومى لأنه أصبح يتحمل الأجور المرتفعة للنجوم، وقال شوقى: كل الأرقام المعلنة عن الأجور غير حقيقية، فكل ممثل يشيع أن أجره مرتفع حتى يضع لنفسه سقفا عاليا ولا يستطيع أى منتج أن يخفض له هذا الأجر العام التالى،
كما أن الشركة تشيع هذه الأجور لتبيع المسلسل بالسعر الذى تريده، وأضاف: أن خطف النجوم لا يراه أزمة فى الدراما فهو، من وجهة نظره، نوع من المنافسة ولا يوجد أى عُرف أو قانون يمنع ذلك، وكل منتج من حقه التعاقد مع أى ممثل مادام لم يتعاقد مع شركة أخرى.
فى حين ذكر ممدوح شاهين منتج مسلسل «حورية فى المدبح»: ليس من أخلاقيات المهنة خطف نجم اتفق مع شركة إنتاج، فكل منتج رفع أجر نجم لديه قلة خبرة، وسيخسر كثيرا ويصيبه الإحباط أثناء تسويق المسلسل لأنه بعيد تماما عن الواقع ولا يعرف شيئا عن السوق، ومثل هؤلاء المنتجين هم السبب فى زيادة أجور الفنانين وسيدفعون ثمن ذلك،
وأضاف: دفعت ٤.٥ مليون جنيه لفيفى عبده العام الماضى عن مسلسل «قمر» ولم أستطع تسويق المسلسل، والنتيجة أنها لم تجد هذا العام أى منتج ينتج لها مسلسلاً، وأخشى أن تدخل الدراما مرحلة المقاولات التى مرت بها السينما المصرية من قبل بسبب ارتفاع أجور نجومها، عندما رضخ المنتجون لطلبات النجوم.
تامر مرسى منتج مسلسلى «حدف البحر» و«حتة من الجنة» أكد أن الموضوع عرض وطلب ولا يوجد منتج يخسر وقال: قبل أن أرفع أجر غادة عادل وسمية الخشاب أعرف جيداً المكاسب المالية التى سأحققها من ورائهما فهما مطلوبتان فى القنوات الفضائية، ومن حق النجم أن يحصل على أجر مرتفع، طالما أن المنتج يستطيع بيع المسلسل باسمه، وأضاف: كل الأسعار ارتفعت وبالتالى لابد أن ترتفع أسعار الفنانين، خاصة أننا لا نشعر بالأزمة المالية التى يتحدث عنها العالم كله.
ونفى مرسى ما يتردد فى الفن عن أنه يخطف الممثلين من شركات أخرى وقال: هذا ليس أسلوبى فأنا أتعاقد معهم بعد انتهاء كل تعاقداتهم الأخرى، وليس من الممكن أن يترك نجم شركة إنتاج إلا إذا كان «مارتحش فيها» ووجد أننى الأفضل.
إلهام شاهين أكدت أن النجم من حقه أخذ الأجر الذى يراه مناسبا لمجهوده فى المسلسل لأنه يتحمل مسؤولية العمل بالكامل سواء تأليف أوإخراج، حتى أدوار الممثلين المشاركين معه، فهو الذى يتولى مهام اختيارهم مع المخرج فضلا عن أن العمل يتم تسويقه باسمه، كما أن المنتج بمجرد تعاقده مع النجم يترك له كل مهام العمل، والمنتج «اللى مش قادر» على أجر نجم يلجأ إلى ممثل بسعر أقل يتناسب مع ميزانيته، وبالنسبة لى فلا أهتم بأجرى على حساب النص، لأن الذى يحركنى من شركة إنتاج إلى أخرى هو الورق الجيد الذى يؤكد نجوميتى وليس الأجر.